يواجه السجين السياسي الكردي رزكار بيكزاده باباميري، تهما قد تؤدي إلى صدور حكم بإعدامه على خلفية مشاركته في علاج المصابين الذين تعرضوا للقمع خلال احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية" بمدينة بوكان التابعة لمحافظة أذربيجان الغربية في إيران.

ووفقًا للائحة الاتهام الصادرة عن الدائرة العاشرة للتحقيق في النيابة العامة ومحكمة الثورة في أروميه، يُتهم بيكزاده باباميري الذي تم اعتقاله في 28 أبريل (نيسان) 2023، في قضية تضم 13 متهما آخرين، بتهم تشمل: الحرابة والبغي والتآمر والعمل ضد الأمن القومي واستقلال البلاد وتمويل الإرهاب والدعاية ضد النظام والتجسس والتعاون مع دول معادية وحيازة معدات إنترنت فضائية (ستارلينك) وحيازة أسلحة غير مرخصة والعضوية في مجموعات غير قانونية والمسؤولية عن تنفيذ اغتيال.

ووفقا لما نقلته عائلة السجين السياسي الكردي رزكار بيكزاده ومحاميه، فإن جميع التهم المنسوبة إليه خلال جلسات المحكمة، التي عُقدت عبر تقنية الفيديو، قد نفاها بالكامل.

وأقر بيك زاده فقط بأنه قدم مساعدات طبية لمصابي قمع احتجاجات "المرأة، الحياة، الحرية" من خلال شراء الأدوية وتوصيلها لهم بشكل مجهول، بالإضافة إلى امتلاكه جهاز "ستارلينك" للاستخدام الشخصي.

وفي تصريح خاص لـ"إيران إنترناشيونال"، قالت جينو بيك‌ زاده باباميري، ابنة السجين السياسي، إن أكثر من 600 يوم مرت على اعتقال والدها. وأضافت أن والدها أكد خلال أحد اللقاءات العائلية أن أي اعترافات منسوبة إليه تم الحصول عليها تحت التعذيب، وأنه بريء تماما.

ونقلت عنه قوله: "أنا لست عضوا أو مؤيدا لأي حزب أو جماعة، ولم أرتكب أي عمل غير إنساني أو عنيف أو إجرامي. جريمتي الوحيدة كانت عملاً إنسانيا، وهو توفير الأدوية للمصابين في احتجاجات عام 2023 في بوكان. أنا مدافع عن حقوق الإنسان".

من اختطاف في الشارع إلى 4 أشهر من الحبس الانفرادي

يشار إلى أن رزكار بيكزاده، البالغ من العمر 47 عامًا والأب لثلاثة أطفال، كان أصغرهم يبلغ عامين وقت اعتقاله، هو مزارع وصاحب بستان في قرية قريبة من تيكان‌ تبه في. ووفقًا لابنته جينو، فقد أخبر رزكار بيكزاده عائلته قبل أيام من اعتقاله بأنه قد يتم توقيفه بسبب نشاطاته: "قال والدي إن بعض الأشخاص الذين كانوا يساعدون في تأمين الأدوية للجرحى قد اعتُقلوا، وربما يعتقلونه أيضًا. لكنه كان واثقًا من براءته لدرجة أنه لم يختبئ".

وفي 17 أبريل (نيسان) 2023، قام عناصر استخبارات بوكان باختطاف بيكزاده في أحد شوارع المدينة، وفي الليلة نفسها اقتحموا منزله.

وبحسب شهادة ابنته جينو، لم يكن أحد في المنزل عند اقتحام عناصر الاستخبارات، وقال الجيران إن العناصر المسلحين سيطروا على الشارع بأكمله وتسلقوا جدران المنزل كالسارقين: "صعدوا الجدار، وتركوا كل الأبواب والنوافذ مفتوحة، وعبثوا بكل محتويات المنزل، ومزقوا قماش الأثاث وبعض الصور، كما حطموا جهاز الاستقبال الفضائي والطبق، وأخذوا معهم هاتف نوكيا قديما يخص والدي".

وبفضل متابعة عائلة رزكار بيكزاده وإضراب والدته المسنة أمام مبنى استخبارات بوكان، أبلغت السلطات العائلة بعد أسبوع أن رزكار محتجز لديهم وتم نقله إلى أروميه للاستجواب. وقالت ابنته جينو: "بعد أسابيع من التردد المستمر وتوسلات جدتي، اتصل والدي اتصالًا قصيرًا وقال إنه يخضع للاستجواب وطلب منا عدم القلق".

وقد استمرت فترة استجواب رزكار بيكزاده أربعة أشهر في الحبس الانفرادي لدى المديرية العامة لاستخبارات أروميه. وبعد انتهاء التحقيقات، نُقل إلى سجن أروميه. وذكرت جينو أن العائلة تمكنت من زيارته بعد نقله إلى القسم العام: "في الشهر الخامس من اعتقاله، استطاعت العائلة زيارته في السجن. كانت حالته سيئة، وكان واضحًا أنه تعرض للتعذيب، لكنه أكد أنه بريء ولا ذنب له، وطالب بتوكيل محامٍ للدفاع عنه".

تجاهل النيابة العسكرية شكوى بيكزاده بشأن تعرضه للتعذيب

أشارت جينو بيكزاده إلى تعرض والدها للتعذيب، موضحة أنه خلال زياراتهم له أبلغهم بأن عناصر المديرية العامة للاستخبارات في أروميه قاموا بضربه بشدة ووضعوه تحت أشد أنواع التعذيب. وأكدت أن آثار الكدمات والجروح لا تزال واضحة على جسده، وأن طبلة أذنه اليسرى قد تمزقت نتيجة لذلك.

وفي حديثها مع "إيران إنترناشيونال"، قالت جينو: "والدي، بناءً على وجود آثار التعذيب على جسده، قدم شكاوى عدة ضد الاستخبارات من خلال استمارات الرعاية الاجتماعية في السجن، وطلب نقله إلى الطب الشرعي لتوثيق هذه الآثار. لكن النيابة العسكرية، المسؤولة عن متابعة القضية، تجاهلت حتى الآن جميع هذه الشكاوى والطلبات".

وفي ظل تأثير وزارة الاستخبارات، وبمخالفة للقانون وتجاهل رغبات المتهمين وعائلاتهم، قامت النيابة بتعيين محام منتدب يدعى عزت رحيم ‌زاده لكل من المتهمين الـ14 في هذه القضية، وحرمتهم من اختيار محامٍ خاص بهم لفترة طويلة، مخالفين بذلك القانون.

وبعد حوالي عام من اعتقال رزكار بيكزاده وبقية المتهمين، أصدر علي استيري، قاضي التحقيق في فرع 10 من النيابة العامة والثورية في أروميه، 25 فبراير (شباط) 2024 القرار النهائي للقضية، وفي النهاية تم السماح للمتهمين بتعيين محاميهم الخاص.

وبحسب القانون، يعد تعيين محام واحد لجميع المتهمين في قضية واحدة غير قانوني، بالنظر إلى تعارض المصالح بين المتهمين. ويجب أن يكون المحامي المختار قادرًا على الاطلاع على ملف القضية في مرحلة التحقيق.

وفي هذا السياق، قالت جينو بيكزاده: "تم نقل والدي إلى الجناح العام في سجن أروميه في سبتمبر (أيلول) 2023، لكن النيابة لم تسمح لنا ولعائلات باقي المتهمين بتعيين محام خاص لنا إلا بعد صدور القرار النهائي في إسفند من العام الماضي".

سابقة تاريخية: محاكمة المتهمين في قضية واحدة بشكل منفصل

تتولى المحكمة الثورية في أروميه، برئاسة القاضي رضا نجف ‌زاده، النظر في هذه القضية. وقالت جينو، نقلاً عن عثمان مزين، محامي والدها، إن ثلاث جلسات محاكمة قد أُقيمت حتى الآن.

ووفقًا لمصدر مطلع في القضاء بأروميه، فإن رزكار بيكزاده ومحاميه في المحكمة أشارا إلى وجود خلل كبير في سير المحاكمة، ما حال دون التمكّن من الدفاع بشكل فعال: "القضية تضم 14 متهمًا، ولكن جلسات المحكمة عُقدت بشكل غريب في مجموعتين من 7 أشخاص في أيام مختلفة، كما لم يُحاكم المتهمون في نفس المجموعة معًا، بل تم ربطهم بشكل فردي عبر الفيديو كونفرنس، وكان يسمح فقط للمحامي الممثل للمتهم بالحضور إلى القاعة في وقت حضور موكله".

ووفقًا لهذا المصدر، فإن جلسات المحاكمة لهذه القضية تعد سابقة تاريخية وغير قانونية في النظام القضائي الإيراني: "مع هذه الطريقة، فإن المحامي لا يعرف ما إذا كان المتهمون الآخرون قد قالوا شيئًا ضد موكله أو لصالحه، وبالتالي لا يعرف كيف يجب أن يدافع عن موكله".

كما اعترض المحامون على عدم نقل المتهمين إلى المحكمة للدفاع عن أنفسهم جنبًا إلى جنب مع محاميهم. وأوضح المصدر أن القاضي كان يمنع المتهمين من الحديث بحدة، وكان يقطع حديثهم إذا حاولوا الإدلاء بشهاداتهم، كما كان حضور المستشار ووكيل النيابة رهنا برغبة القاضي.

إجراءات غير قانونية في التحقيقات

أضاف المصدر أن محامي الدفاع لم يُسمح لهم بمراجعة كامل ملف القضية، بل حصل كل محامٍ على أجزاء من الملف تتعلق بموكله فقط، ما يعد انتهاكًا صارخًا للقانون.

كما ذكرت جينو أن والدها ومحاميه أشارا إلى أن القاضي نجف‌ زاده قد منعهما من الدفاع بشكل كامل، حتى بعد أن قدم محامي والدها دفاعًا مفصلاً حول النقائص في الإجراءات.

10 أشهر من الاعتقال في السجن دون قرار رسمي

بحسب القانون، يُفترض أن يتم تمديد قرار الاعتقال المؤقت للمتهمين شهريًا من قبل المحكمة حتى صدور الحكم النهائي. لكن وفقًا للمصدر المطلع، لم يتم تمديد قرارات الاعتقال للمعتقلين في هذه القضية، وتم إبقاؤهم في السجن لمدة 10 أشهر دون سبب قانوني واضح.

قضية القتل جريمة غير معرفة في القانون

بالإضافة إلى القضايا السياسية التي يواجهها رزكار بيكزاده، تم فتح قضية قتل ضده وضد ثلاثة متهمين آخرين، وذلك على خلفية قتل محمد علي محمدي، صاحب كشك لبيع السجائر في مدينة بوكان، والذي قُتل في 16 مارس (آذار) 2023 نتيجة لإطلاق نار.

وقد أشار المصدر إلى أن الاتهام بـ"التورط في القتل" ضد رزكار بيكزاده غير قانوني، إذ إن هذا النوع من الجريمة لا يتم تعريفه في القانون الإيراني.

إنكار التورط في القتل من قبل المتهمين

أوضح محامو المتهمين أن رزكار بيكزاده لم يكن له أي صلة بالقضية، حتى إن المتهمين الثلاثة في القضية أكدوا في التحقيقات والمحكمة أنهم لم يعرفوا بيكزاده قبل اعتقاله، ولم تكن لهم أي علاقة بالقضية.

مزيد من الأخبار